الرضا الوظيفي و علاقته بالاتصال

 علاقة الاتصال بالرضا الوظيفي

 

 

كيفية تحقيق الرضا الوظيفي - موضوع
الرضا الوظيفي و علاقته بالاتصال

 

1-الاتصال الرسمي و الأبعاد الذاتية للرضا الوظيفي

إن البعد الذاتي للرضا يتعلق بالفرد ذاته و يشمل حاجاته الغير مشبعة الناتجة عن عدم فعالية الاتصال الرسمي من مهارات الإتقان و الانضباط و مهارة الإنجاز، بالإضافة إلى ردود الأفعال و مشاعر الولاء و الانتماء و التقدير و احترام الذات، و مختلف مواقف و اتجاهات العامل نحو عمله  .... الخ  هذه المؤشرات منها ما يتعلق بتقسيم الحاجات بتتبع سلم الحاجات الإنسانية التي وضعها أبراهام ماسلو من خلالها يمكن الحصول على بيانات عن ما يحققه الاتصال الرسمي من إشباعات لمختلف حاجات العامل، أأما المؤشرات التي تتعلق بالأداء و مستوى الإنجاز فهي تقيس الآثار السلوكية و ردود الأفعال  التي يبديها العامل و التي تعبر عن دلالات الرضا من عدمه، و من هنا نرى ان للاتصال أهمية بالغة ، بحيث كلما زاد الاتصال الرسمي زاد الرضا الوظيفي، في حين كلما فقدت الاتصالات الرسمية فعاليتها كلما تقلص الرضا الوظيفي عكس ما كان متوقع .

أولا : يلعب الاتصال الرسمي دور العوامل الوقائية  التي تقي العامل من عدم الرضا و تحميه من السخط الناجم عن مشاعر الاستياء ، و هذا بالمطابقة مع نظرية العاملين لفريديك هرزبرغ ، حيث كلما غابت هذه العوامل ظهر الاستياء و عدم الرضا و كلما زاد ظهورها زاد التحفيز و الرضا  

ثانيا : يعمل الاتصال الرسمي على اشباع و تلبية بعض الحاجات التي تحقق الرضا و التي تحدث عنها ماسلو من خلال الحاجة الى الانتماء، التقدير، الإنجاز و تحقيق الذات ، و يتجلى ذلك في :

العلاقة التفاعلية للتغذية العكسية الناجمة عن الاتصال الصاعد : فكلما زاد الاتصال كلما شعر العامل بالانتماء، و تجدر الإشارة الى ان انتقال المعلومات من أسفل إلى أعلى تبقي ضرورية لكلا الطرفين، فالمؤسسة التي تعمل على تشجيع تدفق المعلومات الى أعلى بكل سهولة يكون لدى رؤسائها رؤية شاملة لما يحدث بداخلها مم يجعل القرارات الصادرة أكثر صوابا، و من جهة أخرى فإن إتاحة الفرصة للعمال لإبداء أرائهم و الاستماع إلى شكاويهم يعمل على تطوير شخصياتهم و تقوية روح المسؤولية و يحققون بذلك حاجات المستوى الثالث و الرابع و الخامس من سلم ماسلو و التي تحقق الرضا .

فعالية نظام الإعلام و الاتصال له تأثير كبير على الجو الاجتماعي للمؤسسة : بحيث كلما توفرت للعامل كافة البيانات الجديدة كلما أحس بالتقدير، و لما كان الرضا عبارة عن عملية تتقيد بتلبية الحاجات البشرية فإن مستوى الإشباع في هذه الحالة يتعلق بتحقيق حاجة المستوى الرابع لسلم ماسلو و هي حاجة احترام و تقدير الذات و التي تحقق الرضا الوظيفي .

ثالثا : يعمل الاتصال الرسمي على ابراز بعض المواقف الإيجابية التي تظهر في سلوك العمال كردة فعل عن حالة الرضا كالانضباط، الالتزام بمواقيت العمل و انجاز المهام، روح التعاون و المبادرة ، و تجدر الإشارة إلى أن الانضباط و التعاون هما بمثابة دلالات عن الرضا من عدمه، فكلما أحس العامل بالاستياء و عدم الرضا كلما قل انضباطه و يرتبط ذلك بفعالية الاتصال الرسمي من حيث سرعة وصول المعلومات ,فكلما تأخر وصول المعلومات إلى المرؤوسين كلما شعروا بعدم الرضا و يمكن القول بأن عدم تأخر المعلومات يعد من العوامل الوقائية التي إن توفرت بشكل جيد تمنع مشاعر الاستياء بالمطابقة مع نظرية هرزبرغ .

رابعا :ان التزود بالمعلومات هي حاجة ضرورية للعامل فكلما توفرت و بشكل كافي كلما أدى ذلك الى تقليص مشاعر عدم الرضا، و يكون التزويد بالمعلومات عن طريق المصادر الرسمية بالدرجة الأولى نظرا لمصداقيتها كونها لا تتأثر بأسلوب الإشاعة و التحريف، حيث كلما كان مصدر التزود بالمعلومات رسميا كلما أدى ذلك الى الرضا ، أما الاستعانة بالمصادر الغير رسمية فقد ينتج عنه ضعف موجة الاتصالات الرسمية ، فيتم الاستعانة بالجماعات الغير رسمية التي قد تكون مصدرا للرضا و لكنها قد تتأثر بعامل التشويش لأن تداول المعلومات عن طريق الجماعات الغير رسمية غالبا ما يِؤدي الى تحريفها و تشويشها مما يشعر العمال بالاستياء لأن ذلك سينعكس مباشرة على مستوى أدائهم .

خامسا : من أسباب عدم فعالية الاتصال الرسمي هو انتشار ظاهرة احتكار المعلومات من طرف بعض العمال و هذا بحكم مركزهم الوظيفي، هذه الظاهرة تؤدي إلى حالة عدم الرضا، و هي بمثابة ممارسة لمنطقة الشك التي تحدث عنها ميشال كروزييه في تحليله الاستراتجي من خلال مشكل علاقات السلطة و ذكر أنه قد تكون هنالك علاقات سلطة غير قانونية يحاول الأفراد استغلالها باحتكار بعض المجالات من أجل التأثير على الآخرين، و هو ما أسماه ب : التحكم في هامش السلطة الذي يتحكم فيه الأفراد القربين من مصادر القرارات و هي مناطق ارتياب من أجل ممارسة السلطة . فاحتكار المعلومات من طرف بعض الإطارات و أصحاب القرار سيؤثر على عملية انتقال المعلومات، و بتكرار هذا السلوك سوف تزداد مشاعر عدم الرضا .

 

2- الاتصال الرسمي و الأبعاد التنظيمية للرضا الوظيفي

ان البعد التنظيمي للرضا الوظيفي يتعلق بمختلف العوامل التنظيمية المرتبطة بطبيعة العمل و التنظيم الإداري للوظيفة، و يشمل كل من العلاقات ، ظروف العمل، دوران العمل و ترك الخدمة ... هذه المؤشرات منها ما يتعلق بالوظيفة و التي تتبع طريقة تقسيم الحوافز التي تتيحها الوظيفة  أو المنصب كتلك التي تحدث عنها فريدريك هرزبرع لقياس الرضا الوظيفي.17 و منها ما يتعلق بالتنظيم الإداري و الذي يشمل العلاقات المتبادلة مع محيط العمل و التي تعتبر من المسببات التنظيمية للرضا الوظيفي .

أولا : إن مجمل العلاقات في محطيه المهني تكون حسنة، و هذا ناتج عن التفاعلات التي تنشأ بصورة تلقائية لتحقيق الحاجة إلى الاتصال و الانتماء . و تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الإنسانية الحسنة لها تأثير كبير على الرضا و يمكن اعتبارها من العوامل الوقائية التي تقي العامل من الاستياء .

ثانيا :إن وظيفة الإشراف ماهي إلا تبادل في الآراء و الحوار و التشاور بين المشرف و الأفراد الذين يشرف عليهم، فإن حدث و أن تعرضت هذه الخطوة لأي نوع من المعوقات فإن ذلك سيؤدي إلى عدم فعالية الاتصال و انعدام القيادة الفعالة . و التي ستؤدي إلى مشاعر الاستياء، و بمقتضى نظرية العاملين يمكن اعتبار الإشراف الفني من العوامل الوقائية التي تصون العامل من مشاعر عدم الرضا . التي تظهر على شكل بعض السلوكات السلبية كالتهاون و عدم الانضباط و الالتزام بمواعيد إنجاز المهام، و تقلص روح التعاون و المبادرة , الأمر الذي يؤدي الى ظهور اتجاهات سلبية نحو العمل كالملل و الضجر و كثرة التذمر ... فسيولة الاتصال مع المشرفين تشجع المرؤوسين على الانضباط أكثر بمواقيت انجاز المهام،حيث يرى هارولد كيلي18 أن العوامل المحفزة التي تشجع العمال على تحسين نوعية الأداء تتعلق بالمسيرين بالدرجة الأولى، فعلى هؤلاء تفعيل حركة الاتصال و التعاون من أجل التنسيق بين الجهود ،و على المؤسسة تبني خصائص المنظمة اليابانية وفق نظرية Z  19 التي تسعى مبادئها الى إقرار مبدأ الحوار و التشاور و المناقشة بين الرؤساء و المرؤوسين لترسيخ روح الانضباط لديهم .

ثالثا :تشير الدراسات أن ثبوت القوى العاملة في المؤسسة دليل على ارتفاع الروح المعنوية ، و تسرب العمال دليل على انخفاضها، فالانقطاع عن  العمل يعد من أكثر السلوكات التي يمكن أن تكون لها علاقة بالرضا كونها من الآليات الدفاعية التي يستعملها العامل للتعبير عن مشاعره السيئة اتجاه عمله. و يعتبرها جورج فريدمان و زميله بيار نافيل 20 من المؤشرات الموضوعية التي تقيس الرضا، لكن بالرغم من أن ظاهرة دوران العمل و ترك الخدمة دليل على حالة عدم الرضا إلا أنها لا تعكس بالضرورة عدم فعالية الاتصال بالقدر الذي ترتبط فيه بتحقيق الحاجات المادية كالترقية و زيادة الأجر و تحسين ظروف العمل المادية و التي تعبر عن حاجات المستوى الأول من سلم ماسلو. و بالتالي نفهم ان ظاهرة دوران العمل و تغير المناصب بالرغم من أنها مؤشرات على عدم الرضا إلا أنها لا ترجع بالضرورة إلى نمط الاتصال و العلاقات ، و إنما ترجع إلى ظروف مادية محضة. و بالتالي الرضا الوظيفي لا يتحقق إلا بتحقيق الرضا عن جوانب العمل المادية و المعنوية، و أن الرضا ما هو إلا محصلة للرضا عن جوانب الذاتية و التنظيمية ، أما الرضا عن الاتصال الداخلي فما هو إلا جانب من تلك الجوانب الفرعية المعنوية المتعلقة بالعمل .

 

3-  الاتصال الغير رسمي و الأبعاد الذاتية للرضا الوظيفي

إن عدم التحكم في آليات الاتصال الرسمي و ميكانزماته يِؤدي إلى اختلالات تعرقل السير الحسن لعملية الاتصال، فإذا حدث و فقدت الاتصالات الرسمية فعالتها فإنه يتم اللجوء إلى الاتصالات الغير الرسمية كأسلوب للتفاعل و التواصل داخل المؤسسة .حيث كلما زاد الاتصال الغير الرسمي كلما ازدادت مشاعر الرضا ،في حين كلما تضمنت المعلومات المتداولة من خلاله على بيانات زائفة و محرفة بتدخل عامل التشويش كلما تقلصت مشاعر الرضا . و من هذا المنطق يمكن اعتبار الاتصال الغير رسمي من العوامل الدفاعية التي تؤدي إلى الرضا و في حال عدم توفرها لا تؤدي بالضرورة إلى عدم الرضا، و هذا بالمطابقة مع نظرية العاملين .

و على هذا الأساس نفهم أن الاتصال الغير رسمي يلعب دورين بارزين في المؤسسة، فإذا كان يخدم أهداف المؤسسة فإنه يحقق الرضا، أما إذا اتخذ اتجاها يناقض أهداف المؤسسة فإنه يؤدي إلى عدم الرضا .

و يمكن تعزيز موقفنا هذا من خلال جملة من مؤشرات :

أولا : الاتصال الغير رسمي هو عملية تفاعلية تشبع الحاجات النفسية و الاجتماعية التي تحدث عنها كل من ماسلو و ألدفير كالحاجة إلى التقدير و الانتماء، فالاتصال إلى جانب  كونه عملية إدارية فهو أيضا عملية اجتماعية تتفاعل عن طريق جماعات العمل ، و في هذا الإطار فإن أغلب اتصالات جيدة و بالأخص مع الزملاء، و هذا دليل على عدم اضطراب العلاقات الاتصالية في المحيط المهني، و التي من شأنها إشباع الحاجات النفسية و الاجتماعية، و بلورة روح التعاون و المبادرة بين العاملين و تحفيزهم على تحسين الأداء مما يساعد على الشعور بالرضا .

ثانيا : عند الوقوف على الجانب اللغوي للاتصال نجد بعض المؤسسات تعتمد أساسا على استعمال اللغة الفرنسية باعتبارها تمثل لغة الإدارة كمثال الجزائر ، لهذا فإن الفئة التي تلقت تكوينها بالعربية و الحائزة على شهادات معربة فإنهم يتلقون التهميش حتى و إن كانوا من ضمن المستويات العليا، و قد تصل ظاهرة التهميش إلى حالة من الاغتراب مما يدفع بهم إلى سلوكات سلبية قد تؤثر على مستوى الأداء إما بالانسحاب او الصراع او التخريب ... كردة فعل عن حالة عدم الرضا.

ثالثا : يساهم الاتصال الغير رسمي في بلورة المواقف الإيجابية في سلوك العمال كردة فعل عن الرضا كالتحفيز و التعاون، و التي تتجسد في فكر التضامن الاجتماعي العضوي المبني على أساس الاختلاف في الوظائف ، و ذلك من خلال المبادرة بأعمال ليست من الاختصاص، و هذا بالمطابقة مع نظرية تقسيم العمل لاميل دوركايم . فالتعاون يعتبر من أهم المبادئ التي حددها هنري فايول لتحقيق فعالية الإدارة ، كما يعتبر من الحاجات التي يسعى الفرد إلى إشباعها عن طريق الجماعة لبلوغ الرضا ، و في الحقيقة  التعاون هو عملية اجتماعية تنشأ بصورة غير مقصودة نتيجة تفاعل الأفراد مع جماعة العمل ، و تتجسد عبر الاتصالات الأفقية التي تتم في نفس المستوى .

 

4- الاتصال الغير رسمي و الأبعاد التنظيمية للرضا الوظيفي

إن من بين المؤشرات الدالة على عدم فعالية الاتصال الغير الرسمي في المؤسسة كونه وسيلة لترويج الإشاعات التي تعمل على تحريف و التشويش على الرسائل الاتصالية. بحيث يعمل الاتصال الغير رسمي بفعل تأثير الإشاعات المروجة في المؤسسة إلى إبراز بعض المواقف و السلوكات السلبية كالنزعات و المشاكل، و هي كلها مؤشرات ذات دلالة على حالة عدم الرضا بحيث كلما تلقى العامل بيانات زائفة كلما أدى ذلك إلى النزاعات و المشاكل بين تلك الأطراف و التي تعكس بصفة حتمية مشاعر عدم الرضا .

و تتجلى أهمية الاتصالات الغير رسمية في تأثير و التفاعل للعلاقات بين وحدات التنظيم من خلال شبكة العلاقات الاجتماعية و الإنسانية ، و هذه العلاقات قد تشبع بعض الحاجات التي لا يستطيع إشباعها التنظيم البيروقراطي مما يؤثر على مشاعر الرضا .

ان هذا النوع من الاتصالات يصعب إثبات صحته و مصداقيته نظرا لتدخل عدة اعتبارات  شخصية و تأويلات نابعة عن تصورات فردية و وجهات نظر مختلفة ، فقد تستعمل الاتصالات الغير رسمية لنشر الأقاويل الكاذبة و الدعاية التي تعمل على تحريف  المعلومات و تجريد الرسائل الاتصالية من مصداقيتها مما يعكر مشاعر العمال و يخلق لديهم بعض السلوكات السلبية كالنزعات و المشاكل التي تعبر إلى حد ما عن عدم الرضا الوظيفي في المؤسسة . 

  و في أخير نستنتج أنه كلما زاد الاتصال الغير رسمي زاد الرضا الوظيفي، ولكن في حال ما لم تتضمن البيانات المتداولة عن طريق المسارات الغير رسمية للاتصال على بيانات زائفة  و إذا كان العكس أي كلما كانت معلومات الواردة عنه محرفة كلما قل الرضا .

لهذا نجد أن الاتصالات الغير رسمية تظهر لسد الفراغ و النقص الذي تتعرض له الاتصالات الرسمية عندما تفقد فعاليتها في المؤسسة .  

 

الرضا الوظيفي و علاقته بالاتصال
الرضا الوظيفي و علاقته بالاتصال

   

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

عن الناشر

مقالات حالية